طفلة .. تجلس على كرسيها المدرسي .. فهي في المرحلة الإبتدائية ..
شاردة الذهن إلى بقعة خضراء .. آمنة .. إلى بيت كبير يجمع أسرتها .. غرفة واحدة تنام فيها مع أخواتها ..
هدوء .. وسكون .. وسعادة في ذلك البيت الذي تتمنى أن يكون جزءاً من الواقع ..
أمنيات وأحلام كانت غارقة فيهما .. تسبح في نهر الرعاية الأبوي .. وتغوص في بحر حنان الأم وعطفها..
شتت سكونها صوت مديرة المدرسة وهي تفتح باب الصف بقوة..
ريم أحضري أغراضك وحقيبتك وتعالي معي إلى الأسفل بسرعة..
بإحساس تنبأ عن سبب الإستتدعاء المفاجئ .. جعلها تذرف دمعة من عينها ..مسحتها على عجل لكي لايشاهدها من حولها ..
وبخطوات حزينة أخذت تجرجر قدماها لغرفة المديرة ..
وهناك .. كانت الفوضى عارمة .. والمشاعر مبعثرة ..
جسد أب .. يطالب بأخذ ابنته معه إلى المدينة التي يعيش فيها لأنه يمتلك حكماً بحضانة الطفلة..
وقلب ام .. يتقطع ويصرخ بالرفض والمنع بأن يأخذها والدها من حضنها ..
وعيون طفلة تترقب مصيرها ..
لن أذهب مع أبي .. فأنا أعيش معه كخادمة .. لاأحد يكلمني .. يشعر بي .. يسألني عن حالي .. ماأريد ما أشكو منه .. لاأحد هناك يحبني ..
صرخت .. وألقت بحقيبتها المدرسية في فناء المدرسة .. وأمسكت بيد والدتها وهربت ..
ركضت خارج المدرسة .. شاهدهما الحارس ورجال الأمن الذين كانوا يحاولون حل المشكلة ..
لحقوا بهم وأمسكوا بالطفلة .. وسلموها لوالدها .. وسط صراخ الأم وبكائها ..
تفرقت سيارات الشرطة .. وعاد النظام المدرسي إلى روتينه السابق ..بعد أن عادت الأم لبيتها .. وذهبت الطفلة مع والدها ..
وماهي إلا ساعات ليرن جرس الهاتف .. وبصوت باكي تكلمت ..
ماذا .. ابنتي .. ماحصل لها .. هل هذا بسببي ؟؟ ماذا أفعل ؟؟ أريد الذهاب لأبنتي .. سأحدثها سأكلمها ..
دخلت مبنى المستشفى .. قسم الطوارئ ..
جسد ملقى على الفراش .. دموع منهارة .. ابرٌ مغروسة ..
ابنتي حبيبتي .. كوني قوية .. كبيرة .. أعلم أن فراقي عنك صعب وفراقك أصعب ..
لكن هذا هو القدر .. تحملي واصبري .. وأنا سآتيك وسأزورك ولن أتخلى عنك ابداً ..
والدك يحبك لذلك سيأخذك معه .. سيهتم فيك أكثر مني .. سيجلب لكِ ماتريدين .. ولن يضربك أو يتجاهلك ..
قومي يابنتي .. واذهبي مع والدك .. وكوني مطيعة له ولزوجتة .. لاترفعي صوتك أمامهم .. ونفذي أوامرهم ..
كانت تتكلم وقلبها يتقطع من الداخل ..تكتم صرخاتها وتحبس دمعاتها ..
تمسح على جبين ابنتها وتقبلها لتشعرها بأمومتها وبحنانها ..
هدت نفسيت الطفلة قليلاً واقتنعت بكلام والدتها .. نهضت من سريرها .. وعدلت ملابسها ..
وأمسكت بيد والدها .. و بنظرات منكسرة ودعت والدتها وذهبت ..
وقفت الأم عند باب الغرفة لتشاهد ابنتها وهي تسير مبتعدة عنها ..
وماإن اختفت عن نظرها .. حتى سقطت منهارة .. متألمة ..
فقطعة من قلبها .. رحلت عنها ..
رحلت إلى مصير ينتظرها .. لا نعلم أهو خير أم شر لها ..
فيارب .. أنت الأعلم بالحال والمقدر للأحوال .. خَيِر لهذه الطفلة الخيرة المباركة ..
وأسعدها في حياتها القادمة ..
__________________
" الكلمة الطيبة صدقة نتصدق بها على أنفسنا
ومن حولنا لإشاعة روح التآخى .. "
روعــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــه الكـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــون